إن خطاب رئیس الوزراء العراقی حیدر العبادی الذی دافع فیه عن الحشد الشعبی، حمل رسالة واضحة، وموجهة إلى من خططوا لحل هذا التیار الشعبی.
لقد بدأت العداوة والحقد على الحشد الشعبی منذ تشكیله بفتوى من المرجعیة الدینیة لتحریر المناطق المحتلة من قبضة الدواعش الإرهابیین. فعلى صعید الداخل العراقی شرعت بعض التیارات السیاسیة المرتبطة بالخارج، بحملة دعائیة كبیرة ضد هذه الحركة الشعبیة، حیث بدأت هذه التیارات بحملة تسقیط وتدمیر للحشد، وسعت لإظهاره كحركة طائفیة ومرتبطة بالتیار الشیعی، بل ذهبت هذه التیارات السیاسیة المرتبطة بالخارج إلى أبعد من ذلك حین حاولت القول فی وسائل الإعلام التابعة لها ومنصاتها الدعائیة أن الحشد الشعبی یرمی إلى القضاء على التیار السنی ویرید إضعاف الجیش العراقی.
خارجیاً أیضاً، سعت وسائل الإعلام التابعة للدول العربیة الرجعیة إلى تشویه سمعة هذه الحركة الشعبیة، وإعتبرت الحشد طائفیاً وبأنه جاء لیلعب دوراً موازیاً للجیش العراقی، حیث لم تدخر وسائل الإعلام هذه أی جهد من شأنه تشویه سمعة هذه الحركة الشعبیة التی تشكلت بفتوى من المرجعیة الدینیة الشیعیة دفاعاً عن أرواح وأموال وأعراض الشعب العراقی.
لقد سعت وسائل الإعلام هذه إلى إظهار الحشد الشعبی على أنه حركة مرتبطة بإیران، لكی تتمكن من خلال ذلك من الهجوم علیه بشكل أكبر، بهدف إعاقته عن القیام بوظیفته الأساسیة فی الدفاع عن كیان، وإستقلال ووحدة العراق، كما أنها حالت فی فترة من الفترات دون مشاركة الحشد الشعبی فی عملیات تحریر المدن العراقیة من ید تنظیم داعش الإرهابی، لكنها عملیاً لم تتمكن من الوقوف بوجه عزم هذا الموج البشری الهادر الذی كان أفراده یحثون الخطى بلهفة لیدخلوا مراكز التدریب، لیتمكنوا بعد حصولهم على التدریبات اللازمة من الإلتحاق بجبهات القتال ضد داعش.
إن خطة الأعداء كانت القضاء على هذه الحركة الشعبیة وتهمیشها للحیلولة دون قیام هذه الحركة الناشئة بوظیفتها الأساسیة فی الدفاع عن سیادة العراق، ومن المؤسف أن بعض التیارات السیاسیة الشیعیة كانت قد وقعت فی فخ الحملات الدعائیة لوسائل الإعلام التابعة للأنظمة العربیة، وقد بلغ بهذه التیارات الحد أن قامت تماشیاً مع هذه الأنظمة بوضع مسألة القضاء على هذه الحركة الشعبیة على رأس أولویاتها حیث طرحت فكرة حل الحشد الشعبی ودمجه مع الجیش ومختلف القوات المسلحة. إن خطاب الأمس لرئیس الوزراء العراقی الذی دافع فیه عن إستمرار الحشد الشعبی، وإعتبر أن الإستمرار هو مطلب للمرجعیة والحكومة، یمكن إعتباره رداً حازماً وحاسماً على تلك المطالب غیر المعقولة التی تدعو لحل الحشد والقضاء علیه.
إن العراق الذی لا یمتلك جیشاً قویاً ومقتدراً لمواجهة التجاوزات المحتملة للإرهابیین، والذی فضل سابقاً فی حربه على مجموعة صغیرة "الهروب على البقاء" یمكنه الإعتماد على قوة كهذه فی المحافظة على وحدة أراضیه، والموصل وغیرها اثبتت قدرته على ذلك.
مما لا شك فیه أن هذه الحركة الشعبیة (الحشد الشعبی) وبالإستناد على العقیدة والإیمان والتمتع بالتدریبات العسكریة یمكنها أن تكون ضامنة لأمن العراق والدفاع عن حدوده، فكلنا یعلم أن الأمریكیین كانوا قد قالوا أن الحرب على داعش ستطول وقد قدروا مدة هذه الحرب بأنها ستمتد ل10 سنوات، لكن عند دخول الحشد الشعبی على الخط تغیرت معادلة الحرب حیث إنتهت لصالح الجیش العراقی، وهنا ظهر الإختلاف بین حركة شعبیة تقاتل بعقیدة وإیمان وبین قوات تولیهاربة فور تعرضها لهجوم مفاجئ ومباغت. إن التطورات التی حدثت فی العراق والتی تلاها سقوط المدن العراقیة واحدة تلو الأخرى بید الإرهابیین حملت فی طیاتها الكثیر من الدروس والعبر، وهی أنه لا یجب إدخار أی جهد من شأنه تعزیز وتقویة هذه الحركات، لأن العراق بحاجة لجیش قوی ومقتدر للدفاع عن حدوده وشعبه، حیث یمكن لهذه الحركة أن تلعب فی هذا المجال دور القوة المساندة والداعمة للجیش فی الوقوف بوجه الأزمات المختلفة والعبور بالعراق إلى بر الأمان والإستقرار.
بقلم حسن رستمی كاتب و صحفی
/انتهی/
LINK: https://www.ansarpress.com/english/7879
TAGS: